ومن نتائج اختلاف القراءات المفسرة، وهو الاختلاف المحمود والمطلوب، ما كان يهدف إليه من مراعاة أذواق المخاطبين، ومراعاة قدراتهم التعبيرية وطاقاتهم البشرية، وقد تحدث خطاب الله تعالى عن عدم تكليف النفس خارج وسعها، ونزل بلغة لا يمتنع امتلاكها عن أحد إلا من أبى، لأنها راعت تباين لغات الناس وتعددها، ووضعته في الحسبان، نزولا عند الحكمة الربانية التي تجعل من اختلاف الألسنة آية من آيات الله. ولم يقتصر اختلاف القراءات على بيان مراد الشرع واستنباط الأحكام، وإنما تعدى ذلك إلى فوائد كثيرة، حيث القراءة عندما تتغاير مع القراءة الأخرى أو نختلف معها، فإن هذا الاختلاف أو التغاير يفيد حكما يعتبر موضوعا يتعلق إما بالعقائد أو بالعبادات، وقد يتعلق بالتفسير اللغوي من جهة النحو أو الصرف أو البلاغة.
وقد تبين من خلال هذا الاختلاف منزلة القراءات في التفسير، وأنه لا مناص للمفسر من الاعتماد عليها. وتبين كذلك بأن القراءات المفسرة ليست هي القراءات الشاذة أو القراءات المدرجة لهذا الغرض، بل إن التفسير القرائي يوظف جميع أنواع القراءات من متواتر وشاذ وغيره كالمدرج، لغاية الكشف عن وجوه المعاني، واستغلال تعدد القراءات على اختلاف أنواعها لخدمة التفسير. ولهذا الغرض تتبعت القضايا اللغوية والبلاغية في القرآن، فوجدت نموذجا غنيا بوجوه التفسير، وذلك في اختلاف القراءات في المواطن التالية :
_ اختلاف القراءات من حيث تنوع الحركات.
_ اختلاف القراءات من حيث تنوع الإعراب.
_ اختلاف القراءات من حيث تنوع دلالات حروف المعاني.
_ اختلاف القراءات من حيث الإبدال.
_ اختلاف القراءات من حيث الزيادة والحذف.
_ اختلاف القراءات من حيث التنوين والإضافة.
_ اختلاف القراءات من حيث التذكير والتأنيث.
_ اختلاف القراءات من حيث تنوع أبنية الفعل وأزمنته ومتعلقاته.
_اختلاف القراءات من حيث اختلاف صيغ الإسم، وتنوع الصفة والمصدر.


الصفحة التالية
Icon