ورغم ذلك فلابد من الإشارة إلى أن مزية هذه الوجوه من القراءات عائدة إلى أنها حفظت على العربية ثباتها وخصائصها من كيفيات النطق وبيان اختلاف العرب في لهجاتها من خلال قراء القرآن من الصحابة والتابعين. ومن المعلوم أن الوحي نزل بهذه الوجوه كلها لتكثير المعنى وتوسيعه، وهذا من بلاغة القراءات التي هي من بلاغة القرآن وبيانه، ولذلك كان اختلاف القراءات في اللفظ الواحد من القرآن مجالا لاختلاف المعنى وتعدده، ولم يكن حمل قراءة على أخرى ترجيحا، لأنه إذا صحت القراءتان فلا يجوز ترجيح إحداهما عن الأخرى لأن الكل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب رسول الله للبلاغ. وقد ثبت اختلاف القراءات عن النبي ﷺ كما ورد في حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم الوارد في صحيح البخاري، والذي يؤصل للإختلاف القرائي، وفيه أن الصحابيين المذكورين اختلفا في قراءة سورة الفرقان، فاحتكما إلى رسول الله، فصوب كليهما، وحسم الخلاف، مبينا نزول القرآن على سبعة أحرف للتيسير والتوسعة على الناس ورفع الحرج.