ومن ذلك مثلا ما يؤديه صوت المد من وظيفة بلاغية، كالتعظيم في نحو قوله تعالى :( لا إلهَ إلا َّالله ُ-لا إلهَ إلا هُوَ -لا إلهَ إلا أَنْتَ)، ويسمى مد المبالغة، قال ابن مهران في كتاب المدات :" إنما سمي مد المبالغة لأنه زيد للمبالغة في نفي الإلهية سوى لله تعالى. قال : وهذا مذهب معروف عند العرب، لأنها تمد عند الدعاء، وعند الاستغاثة، وعند المبالغة في نفي شيء، ويمدون ما لا أصل له بهذه العلة"(١).
وهكذا أيضا بدا من تغيير المبنى تغيير المعنى، وهو ما ينتج من الاختلاف على المستوى الصوتي للقراءة في بلورة المعنى وإيضاحه وتقويته، ولذلك لم تزل العلماء تستنبط من كل حرف يقرأ به القارئ معنى لا يوجد في قراءة الآخر، والقراءات حجة الفقهاء في الاستنباط وحجتهم في الاهتداء إلى سواء الصراط.
ومن القراءات ما كانت إحداهما حاملة لمعنى مغايرا تماما لصاحبتها، وذلك من قبيل التعدد في المعنى أيضا، ولهذا أخطأ من قال في قوله تعالى :(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يَّا أُولي الأَلْبابِ)(٢)، إنه قصص القرآن، واستدل بقراءة أبي الجوزاء :(ولَكُمْ فِي الْقَصَصِ)، وهو بعيد، بل هذه القراءة أفادت معنى غير معنى القراءة المشهورة.

(١) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، تحقيق محمد أبي الفضل، المكتبة العصرية، بيروت١٤٠٧-١٩٨٧ : ١/٢٧٤
(٢) سورة البقرة : آية ١٧٩


الصفحة التالية
Icon