... ولما كان منهج المفسرين يقوم أساسا على بيان الأحكام والمسائل الشرعية المستنبطة من النصوص القرآنية، فإن القراءات أثبتت حضورها في خدمة هذا الهدف العام على الرغم من المواقف الحرجة التي وقفها بعضهم منها، كما فعل الزمخشري والطبري، فذهبوا إلى تخطئة جملة من القراءات لعدم موافقتها للقواعد النحوية، مع أن هذه الأخيرة قد تأخرت في وجودها عن القراءات بزمن ليس باليسير، ومع ذلك فقد بدت حاجتهم إليها ملحة، لأنه لم يكن أمامهم سبيل للوصول إلى بيان المعاني ومعرفة الأحكام غير سبيل الاعتماد على القراءات المفسرة.
... ولقد انساق الزمخشري والطبري ومن لف لفهما في هذه المواقف من القراءات وراء النحاة الذين حملوا كثيرا من وجوه القراءات على الخطأ. ولئن كانت القراءات نزلت في وقت لم يستنشق فيه النحو بعد نسيم الحياة، فإنه يتوجب عليه الخضوع لنصوص القراءات ليستمد منها القاعدة والشاهد على صحة الإعراب والبناء، ولقد وعى النحاة مؤخرا هذا الأمر لما كان من القراء أئمة في اللغة والنحو من أمثال أبي عمرو البصري وحمزة بن حبيب الزيات وعلي بن حمزة الكسائي وغيرهم، ثم بعد ذلك صار النحاة والقراء في طريق واحد هو خدمة النص القرآني.
...
... القراءات واللهجات :