قد نجد عذراً للحريري عقائدياً باعتباره من غير أتباع سيدنا محمد ﷺ، ولكننا لا نجد عذراً للكتاب المسلمين غير المتخصصين بالدراسات الإسلامية، والذين لم يتعرفوا على مناهج العلوم الإسلامية، بل انبهروا بالمناهج الغربية الغريبة، والعلوم المادية والحضارة المعاصرة، أصحاب القراءات المعاصرة الذين كتبوا لتجديد الفكر الإسلامي، دون امتلاك لأدواته، من رصيد معرفي بالتراث والتاريخ والمصادر الإسلامية، وكيفية التعامل معها.
وظنوا أنهم بمجرد إلقاء التهم للتراث ولعلماء المسلمين، وبمجرد عرض أفكارهم الجديدة البراقة والملتفة بدعاوى المنهجية العلمية، والحرية الفكرية، ستتبعهم الأمة، وتنصرف عن أهل العلم المتخصصين، ورجاله المخلصين، وقد نسي هؤلاء أن دون ذلك خرط القتاد، فكم حاول مَن قبلهم فلم يفلحوا ؟
فهناك عدة أسباب لاختيار هذا البحث:
أولاً : القراءات المعاصرة للقرآن الكريم، هي كتابات تمشي في اتجاه التحلل من كل الالتزامات والقيم والمبادئ والشرائع، وتحلل للناس ما حرَّم الله عز وجل، وتقول في كتاب الله بغير علم.
فأردت من خلال هذا البحث، أن أفند دعاوى هؤلاء الكتاب والمؤولة الجدد، الذين خرجوا إلينا بأفكار وسموم، أثَّرَت سلبياً في عقول بعض المسلمين.
ثانياً : دهشت حينما رأيت الآيات ( تلوى ) أعناقها، وتختزل بل تعتصر، لكي يستخرج منها بعض ما يلتقي مع هذه الوافدات الفكرية الجديدة، حيث وقع كثير من الناس في حيرة وضياع بين مؤيد ومعارض.
ثالثاً : حينما استفحل الخطر في تبني بعض الجامعات منهج هذه القراءات، ونشر مقولاتها بمختلف وسائل التبليغ، وشجعت على تناول موضوعاتها في رسائل جامعية، رأيت من الواجب على كل مسلم أن يُفوِّتَ الفرصة عليهم بشتى الوسائل، ومنها الأبحاث الجامعية المفندة لآرائهم الباطلة.


الصفحة التالية
Icon