لا شك أنه لا يمكن أن يتخيل الإسلام من دون سنة، كما لا يتخيل أن تطبق نصوص القرآن دون الرجوع إلى السنة. فهل حاج حمد يرى ذلك؟
يقول:"وليس في قولنا هذا ما يبطل السنة، بل على النقيض من ذلك فإننا نؤكد على ضرورة الالتزام بمرجعية السنة الصحيحة التزاما لا لبس به ولا غموض... فلو لم يكن الرسول بقوله وفعله الصحيحين يشكل المرجعية التطبيقية لمنهجية القرآن لوقع اختلاف كبير بين المجتهدين، مثال على ذلك: إنه إذا لم يكن الرسول قد حدد الفجر بركعتين، والمغرب بثلاث ركعات، والعشاء والظهرين بأربعة... فمرجعية السنة ضمانة للأمة، وضمانة للمنهج؛ولهذا لا نبطل السنة، وإنما نضبط رواية الراوي لا بمعالجة صحة الأسانيد فقط، ولكن بتحليل نصوص المتن قياسا إلى القرآن... فلا يمكن أن تكون شرعة القرآن هي شرعة"التخفيف والرحمة" ثم نستجيب لروايات تنسب إلى الرسول تطبيق شرعة"الإصر والأغلال"على المسلمين" (١).
فظاهر كلامه هذا القول بحجية السنة، وأن نصوص القرآن لا يمكن أن تفهم من دون الرجوع إلى السنة، ولكن عمليا الرجل رد السنة الصحيحة رغم ادعائه خلاف ذلك. فقد جعل محددات لقبول السنة، وهي عدم التعارض مع: عالمية الخطاب، وحاكمية الكتاب، وشرعة التخفيف والرحمة.
هذه المحددات الناظر فيها لا يرى فيها أي إشكال إلاّ أنها عنده أدت إلى ردّ السنة الصحيحة بدعوى أن نصوصها مخالفة لحاكمية الكتاب، أو عالمية الخطاب، أو شرعة التخفيف كما سيأتي ذكره.

(١) -العالمية الثانية: ص٥٨-٥٩.


الصفحة التالية
Icon