وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : أمره الله أن يجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين، وهما الصلاة والنسك الدالتان على القرب والتواضع والافتقار وحسن الظن، وقوة اليقين، وطمأنينة القلب إلى الله، وإلى عدته وأمره، وفضله، وخلفه، عكس حال أهل الكبر والنفرة وأهل الغني عن الله الذين لا حاجة في صلاتهم إلى ربهم يسألونه إياها، والذين لا ينحرون له خوفًا من الفقر، وتركًا لإعانة الفقراء وإعطائهم، وسوء الظن منهم بربهم. ا. هـ (١)
والمتتبع لسيرته ﷺ يجده قد قام بهاتين العبادتين خير قيام امتثالا لأمر ربه ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (المزمل ٨) ) فقد كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فسألته لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال (أَفَلَا أٌحِب أنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا) (٢)

(١) مجموع الفتاوى ٤/٤٦٣ تيسير العزيز الحميد ١/١٥٥
(٢) رواه البخاري (٤٥٥٧) ومسلم (٧٣٠٤)


الصفحة التالية
Icon