اختلف في ذلك العلماء ولعل أظهر أقوالهم وأصحها دليلا وتعليلا هو أن الحوض غير الكوثر وهو خارج الجنة أما الكوثر فداخلها وهذا ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وقد سبق أن ذكرت جملة منها والحوض يتغذى من الكوثر إذ يصب ميزابان من الكوثر على الحوض كما في حديث أبى ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ما آنية الحوض ؟ قال ﷺ ( وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلاَ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ، يَشْخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عمانَ إِلَى أَيْلَةَ (١) مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ) (٢).

(١) وجاء في أحاديث صحاح تحديده بمدن أخرى وهذا مما لا تعارض فيه فقد حدَّث النبي ﷺ كل قوم بما يعرفون قال القرطبي رحمه الله تعالى " ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب و اختلاف و ليس كذلك، و إنما تحدث النبي صلى الله عليه و سلم بحديث الحوض مرات عديدة وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة مخاطباً لكل طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها، فيقول لأهل الشام ما بين أذرح و جرباً، و لأهل اليمن من صنعاء إلى عدن. و هكذا و تارة آخرى يقدر بالزمان فيقول : مسيرة شهر، والمعنى المقصود أنه حوض كبير متسع الجوانب و الزوايا فكان ذلك بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، و الله أعلم "ا. هـ التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة /٣٩٦ فتح الباري ١١/٤٧١ فيض القدير ٢/٥٦٩ تحفة الأحوذي ٧/١١٧
(٢) مسلم (٦١٢٩)


الصفحة التالية
Icon