وإنما أوهى ظنهم هذا سكوت أخيهم عن الاعتذار به، على أنه قد ورد أنهم لاموه فقال لهم: وضعه في رحلي الذي وضع البضاعة في رحالهم ﴿فقد سرق أخ﴾ أي شقيق ﴿له﴾ ولما كان ما ظنوه كذلك في زمن يسير، أدخلوا الجار فقالوا: ﴿من قبل﴾ يعنون يوسف عليه الصلاة والسلام، وذلك أنه قيل: إن عمته كانت لا تصبر عنه، وكان أبوه لا يسمح بمكثه عندها، لأنه لا يصبرعنه، فحزمته من تحت ثيابه بمنطقة أبيها إسحاق عليه السلام وكانت عندها، ثم قالت: فقدت منطقة أبي، فاكشفوا أهل البيت، فوجدوها مع يوسف عليه الصلاة والسلام، فسمح يعقوب عليه الصلاة والسلام حينئذ لها ببقائه عندها ﴿فأسرها﴾ أي إجابتهم عن هذه القولة القبيحة ﴿يوسف في نفسه﴾ على تمكنه مما يريد بهم من الانتقام.
ولما كان ربما ظن ظان أنه بكتهم بها بعد ذلك، نفى هذا الظن بقوله تعالى: ﴿ولم يبدها﴾ أي أصلاً ﴿لهم﴾ فكأنه قيل: فما قولته التي أسرها في نفسه؟ فقيل: ﴿قال أنتم شر مكاناً﴾ أي من يوسف وأخيه، لأن ما نسب إليهما من الشر إنما هو ظاهراً لأمر خير اقتضاه، وأما أنتم ففعلتكم بيوسف شر مقصود منكم ظاهراً وباطناً، ونسبة الشر إلى


الصفحة التالية
Icon