كالنوافل، وبالعلانية ما يندب إلى إظهاره كالواجب إلا أن يمنع مانع، وهذا تفصيل قوله تعالى
﴿ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون﴾ [البقرة: ٣] ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ [البقرة: ٤٥] وقال: ﴿ويدرؤون﴾ أي يدفعون بقوة وفطنة ﴿بالحسنة﴾ أي من القول أو الفعل ﴿السيئة﴾ إشارة إلى ترك المجازاة أو يتبعونها إياها فتمحوها، خوفاً ورجاء وحثاً على جميع الأفعال الصالحة، فهي نتيجة أعمال البر ودرجة المقربين.
ولما ختم تلك بما يدل على ما بعد الموت ترهيباً، ختم هذه بمثل ذلك ترغيباً فقال: ﴿أولئك﴾ أي العالو الرتبة ﴿لهم عقبى الدار *﴾ وبينها بقوله: ﴿جنات عدن﴾ أي إقامة طويلة - ومنه المعدن وهي أعلى الجنان؛ ثم استأنف بيان تمكنهم فيها فقال: ﴿يدخلونها﴾.
ولما كانت الدار لا تطيب بدون الحبيب، قال عاطفاً على الضمير المرفوع إشارة إلى أن النسب الخالي غير نافع: ﴿ومن صلح﴾ والصلاح: استقامة الحال على ما يدعو إليه العقل والشرع ﴿من آبائهم﴾ أي الذين كانوا سبباً في إيجادهم ﴿وأزواجهم وذرياتهم﴾ أي الذين تسببوا عنهم؛ ثم زاد في الترغيب بقوله سبحانه وتعالى: ﴿والملائكة يدخلون عليهم﴾ لأن الإكثار من ترداد رسل الملك أعظم في الفخر وأكثر في السرور والعز.


الصفحة التالية
Icon