قدرته سبحانه وتعالى بقوله - جلت قدرته -: ﴿لمن يشاء﴾ فيطيع في رزقه أو يعصي ﴿ويقدر﴾ على من يشاء فيجعل رزقه بقدر ضرورته فيصبر أو يجزع لِحكَم دقت عن الأفكار، ثم يجعل ما للكافر سبباً في خذلانه، وفقر المؤمن موجباً لعلو شأنه، فليس الغنى مما يمدح به، ولا الفقر مما يذم به، وإنما يمدح ويذم بالآثار.
ولما كانت السعة مظنة الفرح إلا عند من أخلصه الله وهم أقل من القليل، قال عائباً لمن اطمأن إليها: ﴿وفرحوا﴾ أي فبسط لهؤلاء الرزق فبطروا وكفروا وفرحوا ﴿بالحياة الدنيا﴾ أي بكمالها؛ والفرح: لذة في القلب بنيل المشتهى. ولما كانت الدنيا متلاشية في جنب الدار التي ختم بها للمتقين، قال زيادة في الترغيب والترهيب: ﴿وما الحياة الدنيا في الآخرة﴾ أي في جنبها ﴿إلا متاع *﴾ أي حقير متلاش؛ قال الرماني: والمتاع: ما يقع به الانتفاع في العاجل، وأصله: التمتع وهو التلذذ بالأمر الحاضر.
ولما كان العقل أعظم الأدلة، وتقدم أنه مقصور على المتذكرين، إشارة إلى أن من عداهم بقر سارحة، وعرف أن ما دعا إليه الشرع


الصفحة التالية
Icon