أن التعبير عنه بلسانهم أعظم، فيؤدي ذلك إلى المفاخرة والعصبية المؤدي إلى أشد الفرقة، وأنسب الألسنة لسان قوم الرسول لأنهم، أقرب إليه، فيكون فهمهم لأسرار شريعته ووقوفهم على حقائقها أسهل، ويكونون عن الغلط والخطأ أبعد، فإذا فهموا عنه دعوا من يليهم بالتراجمة وهلم جرا، فانتشر الأمر وعم وسهل، وكان مع ذلك أبعد من التحريف وأسلم من التنازع.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما كانت سورة الرعد على ما تمهد بأن كانت تلك الآيات والبراهين التي سلفت فيها لا يبقى معها شك لمن اعتبر بها لتعظيم شأنها وإيضاح أمرها، قال تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور﴾ [إبراهيم: ١] أي إذا هم تذكروا به واستبصروا ببراهينه وتدبروا آياته ﴿ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض﴾ [الرعد: ٣١]. ولما كان هذا الهدى والضلال كل ذلك موقوف على مشيئته سبحانه وسابق إرادته وقد قال لنبيه عليه السلام ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ قال تعالى هنا ﴿بإذن ربهم﴾، إنما عليك البلاغ. ولما قال تعالى: ﴿وكأين من آية من السماوات والأرض﴾ [يوسف: ١٠٥] تم


الصفحة التالية
Icon