ولما كان المراد بالتذكير بالأيام زيادة الترغيب والترهيب، أشار إلى أن مقام الترهيب هنا أهم للحث على تركهم الضلال بترك عادته في الترفق بمثل ما في البقرة والمائدة من الاستعطاف بعاطفة الرحم بقوله: ﴿ياقوم﴾ فأسقطها هنا إشارة إلى أن المقام يقتضي الإبلاغ في الإيجاز في التذكير للخوف من معاجلتهم بالعذاب فقال: ﴿اذكروا نعمة الله﴾ أي ذي الجلال والإكرام، وعبر بالنعمة عن الإنعام حثاً على الاستدلال بالأثر على المؤثر ﴿عليكم﴾ ثم أبدل من «نعمة» قوله: ﴿إذ﴾ وهو ظرف النعمة.
ولما كانوا قد طال صبرهم جداً بما طال من بلائهم من فرعون على وجه لا يمكن في العادة خلاصهم منه، وإن أمكن على بعد لم يكن إلا في أزمنة طوال جداً بتعب شديد، أشار إلى أسراعه بخلاصهم بالنسبة إليه لو جرى على مقتضى العادة جزاء لهم على طول صبرهم، فعبر بالإفعال دون التفعيل الذي اقتضاه سياق البقرة فقال: ﴿أنجاكم من﴾ بلاء ﴿آل فرعون﴾ أي فرعون نفسه وأتباعه استعمالا للمشترك في معنييه، فإن الآل على الشخص نفسه وعلى أهل الرجل وأتباعه