فصارت جملته قليلة؛ والتسبيخ: ما يسقط من ريش الطائر - لنقصه منه، والتسبيخ: النوم الشديد - لنقصه صاحبه وتخفيفه ما عنده من الثقل؛ ومن ذلك الخبس، وهو الأخذ بالكف - وهو لازم للقلة، ومنه قيل للأسد: الخابس، لأخذه ما يريده بكفه؛ والسخاب: قلادة من قرنفل ليس فيها جوهر ولا لؤلؤ.
ولما كان البخس القليل الناقص، أبدل منه - تأكيداً للمعنى تسفيهاً لرأيهم وتعجيباً من حالهم - قوله: ﴿دراهم﴾ أي لا دنانير ﴿معدودة﴾ أي أهل لأن تعد، لأنه لا كثره لها يعسر معها ذلك، روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها كانت عشرين درهماً ﴿وكانوا﴾ أي كوناً هو كالجبلة ﴿فيه﴾ أي خاصة دون بقية متاعهم، انتهازاً للفرصة فيه قبل أن يعرف عليهم فينزع من أيديهم ﴿من الزاهدين *﴾ أي كمال الزهد حتى رغبوا عنه فباعوه بما طف، والزهد: انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه عند الزاهد، وهذا يعين أن الضمير للسيارة لأن حال إخوته في أمره فوق الزهد بمراحل، فلو كان لهم لقيل: وكانوا له من المبعدين أو المبغضين، ونحو ذلك.