أجلّ من غيره. مبتدئاً بما هو أولاها بالذكر لأنه أجلّها منفعة في ضرورات المعيشة وألزمها لمن أنزل الذكر بلسانهم: ﴿والأنعام﴾ أي الأزواج الثمانية: الضأن والمعز والإبل والبقر ﴿خلقها﴾ غير ناطقة ولا مبينة مع كونها أكبر منكم خلقاً وأشد قوة.
ولما كان أول ما يمكن أن يلقى الإنسان عادة من نعمها اللباس، بدأ به، فقال على طريق الاستئناف: ﴿لكم فيها دفء﴾ أي ما يدفأ به فيكون منه حر معتدل من حر البدن الكائن بالدثار بمنع البرد، وثنى بما يعم جميع نعمها التي منها اللبن فقال: ﴿ومنافع﴾ ثم ثلث بالأكل لكونه بعد ذلك فقال تعالى: ﴿ومنها تأكلون *﴾ وقدم الظرف دلالة على أن الأكل من غيرها بالنسبة إلى الأكل منها مما لا يعتد به، ثم تلاه بالتجمل لأنه النهاية لكونه للرجال فقال تعالى: ﴿ولكم﴾ أي أيها الناس خاصة ﴿فيها﴾ أي الأنعام ﴿جمال﴾ أي عظيم.
ولما كان القدوم أجل نعمة وأبهج من النزوح، قدمه فقال: ﴿حين يريحون﴾ بالعشي من المراعي وهي عظيمة الضروع طويلة الأسنمة ﴿وحين تسرحون *﴾ بالغداة من المُراح إلى المراعي، فيكون


الصفحة التالية
Icon