لها في هاتين الحالتين من الحركات منها ومن رعاتها ومن الحلب والتردد لأجله وتجاوب الثغاء والرغاء أمر عظيم وأنس لأهلها كبير.
ولما كانت الأسفار بعد ذلك، تلاه بقوله تعالى: ﴿وتحمل﴾ أي الأنعام ﴿أثقالكم﴾ أي أمتعتكم مع المشقة ﴿إلى بلد﴾ أي غير بلدكم أردتم السفر إليه ﴿لم تكونوا﴾ - أي كوناً أنتم مجبولون عليه - قادرين على حملها إليه، وتبلغكم - بحملها لكم - إلى بلد لم تكونوا ﴿بالغيه﴾ بغير الإبل ﴿أي بشق﴾ أي بجهد ومشقة وكلفة ﴿الأنفس﴾ ويجوز أن يكون المعنى: لم تبلغوه بها، فكيف لو لم تكن موجودة؛ والشق: أحد نصفي الشيء، كأنه كناية عن ذهاب نصف القوة لما يلحق من الجهد؛ والآية من الاحتباك: ذكر حمل الأثقال أولاً دليلاً على حمل الأنفس ثانياً، وذكر مشقة البلوغ ثانياً دليلاً على مشقة الحمل أولاً.
ولما كان هذا كله من الإحسان في التربية، ولا يسخره للضعيف إلا البليغ في الرحمة، وكان من الناس من له من أعماله سبب لرضى ربه، ومنهم من أعماله كلها فاسدة،