فيكون كما أخبروا، لم ينف عنها مطلق العلم، بل نفي ما لا علم لأحد غير الله به، لأنهم لا يخبرون عنه بخبر إلا بان كذبه، فقال تعالى عادّاً للبعث عداد المتفق عليه: ﴿وما يشعرون﴾ أي في هذا الحال كما هو مدلول ما ﴿أيان﴾ أي أيّ حين ﴿يبعثون *﴾ فنفى عنهم مطلق الشعور الذي هو أعم من العلم، فينتفي كل ما هو أخص منه.
ولما كانت أدلة البعث قد ثبت قيامها، واتضحت أعلامها، وعلا منارها، وانتشرت أنوارها، ساق الكلام فيها مساق ما لا خلاف إلا في العلم بوقته مع الاتفاق على أصله، لأنه من لوازم التكليف، ولما اتضح بذلك كله عجز شركائهم، أشار إلى أن منشأ العجز قبول التعدد، إرشاداً إلى برهان التمانع، فقال على طريق الاستئناف لأنه نتيجة ما مضى قطعاً: ﴿إلهكم﴾ أي أيها الخلق كلكم، المعبود بحق ﴿إله﴾ أي متصف بالإلهية على الإطلاق بالنسبة إلى كل أحد وكل زمان وكل مكان ﴿واحد﴾ لا يقبل التعدد - الذي هو مثار النقص - بوجه من الوجوه، لأن التعدد يستلزم إمكان التمانع المستلزم للعجز المستلزم