للبعد عن رتبة الإلهية ﴿فالذين﴾ أي فتسبب عن هذا أن الذين ﴿لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي دار الجزاء ومحل إظهار الحكم الذي هو ثمرة الملك والعدل الذي هو مدار العظمة ﴿قلوبهم منكرة﴾ أي جاهلة بأنه واحد، لما لها من القسوة لا لاشتباه الأمر - لما تقدم في هود من أن مادة «نكر» تدور على القوة وهي تستلزم الصلابة فتأتي القسوة ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم بسبب إنكار الآخرة ﴿مستكبرون *﴾ أي صفتهم الاستكبار عن كل ما لا يوافق أهواءهم وهو طلب الترفع بالامتناع من قبول الحق أنفة من أهله، فصاروا بذلك إلى حد يخفى عليهم معه الشمس كما قال تعالى: ﴿ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون﴾ [هود: ٢٠] وربما دل ﴿مستكبرون﴾ على أن ﴿منكرة﴾ بمعنى «جاحدة ما هي به عارفة».
ولما كانوا - لكون الإنسان أكثر شيء جدلاً - ربما أنكروا الاستكبار، وادعوا أنه او ظهر لهم الحق لأنابوا، قال على طريق الجواب لمن كأنه قال: إنهم لا يأبون استكباراً ما لا يشكون معه في أن هذا كلام الله ﴿لا جرم﴾ أي لا ظن في ﴿أن الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿يعلم﴾ علماً غيبياً وشهادياً ﴿ما يسرون﴾ أي