على مثله من الغباوة المناقضة لادعائهم أنهم أبصر الناس، فقد آل الأمر إلى التهكم بهم لأنهم نُسبوا إلى علم الجهل خير منه ﴿أوزارهم﴾ التي باشروها لنكوبهم عن الحق تكبراً لا عن شبهة.
ولما كان الله من فضله يكفر عن أهل الإيمان صغائرهم بالطاعات وباجتناب الكبائر فكان التكفير مشروطاً بالإيمان، وكان هؤلاء قد كفروا بالتكذيب بالكتاب، قال تعالى: ﴿كاملة﴾ لا ينقص منها وزر شيء مما أسروا ولا مما أعلنوا، لخفاء ولا ذهول بتكفير ولا غيره من دون خلل في وصف من الأوصاف، فهو أبلغ من «تامة» لأن التمام قد يكون في العدة مع خلل في بعض الوصف ﴿يوم القيامة﴾ الذي لا شك فيه ولا محيص عن إتيانه ﴿و﴾ ليحملوا ﴿من﴾ مثل ﴿أوزار﴾ الجهلة الضعفاء ﴿الذين يضلونهم﴾ فيضلون بهم كما بين أولئك الذين ضلوا ﴿بغير علم﴾ يحملون من أوزارهم من غير أن يباشروها لما لهم فيها من التسبب من غير أن ينقص من أوزار الضالين بهم شيء وإن كانوا جهلة، لأن لهم عقولاً هي بحيث تهدي إلى سؤال أهل الذكر، وفطراً أولى تنفر من الباطل «أول» ما يعرض علهيا فضيعوها؛ ثم استأنف التنبيه