بمعنى النفي - كما تقدم - إلا أنه صور بصورته ليكون كدعوى الشيء بدليلها فقال: ﴿إلا البلاغ المبين *﴾ وقد بلغوكم وأوضحوا لكم، فصار وبال العصيان خاصاً بكم.
ولما كان جمع الرسل مفهماً لتوزيعهم على الأمم، كان موضع توقع التصريح بذلك، فقال - دافعاً لكرب هذا الاستشراف، نافياً لطروق احتمال، دالاً علا أن هذا القول السابق منصب إنكاره بالذات إلى اعتراضهم على الإرسال، ومسلياً لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحاثاً لهم على الاعتبار، عطفاً على ما تقديره: فلقد بعثناك في أمتك هذه لأن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت، فمنهم من هدينا، ومنهم من حقت عليه الضلالة، فكان من غير شك بعضهم مرضٍ لله وبعضهم مغضب له، فإنه لا يكون حكم المتنافيين واحداً أبداً: ﴿ولقد﴾ أي والله لقد ﴿بعثنا﴾ أي على ما لنا من العظمة التي من اعترض عليها أخذ ﴿في كل أمة﴾ من الأمم الذين قبلكم ﴿رسولا﴾ فما بقي في الأرض أحد لم تبلغه الدعوة، ولأجل أن


الصفحة التالية
Icon