الماقيدوني اليوناني الرومي، ملك بعد قتل أبيه فليفوس، وكان عمره حين ملك عشرين سنة، وكان حكيماً عارفاً بسائر العلوم، وكان الذي علمه الحكمة أرسطاطاليس الحكيم، وكان الإسكندر يشاوره في أموره ويرجع إلى رأيه ويتدرب بتدبيره، ولم يكن يشبه أباه ولا أمه، وكان وجهه كوجه الأسد وعيناه مختلفتين: اليمنى سوداء تنظر إلى أسفل، واليسرى صافية اللون كعين السنور تنظر إلى فوق، وأسنانه دقيقة حادة كأسنان الكلب، وكان شجاعاً جريئاً مقداماً من صباه، فلما فتح بلاد المغرب ورجع منها قصد بلاد الشام وتوجه إلى بيت المقدس فلقيه ملاك الرب فأمره أن يعظم القدس وأهلها، ففعل ثم قصد دارا الثاني ملك الفرس، فلما حاذى نابلس خرج إليه سنبلاط السامري صاحبها وحمل إليه أموالاً كثيرة وهدايا، ثم سار إلى دارا فقتله، ثم إلى ملك الهند فكذلك، ثم إلى مطلع الشمس، ثم أحب أن يرى أطراف الأرض فضرب فيها، ورأى من الأمم والعجائب ما هو مذكور في سيره، ورجع فمات ببابل، ثم كان أمر اليهود تارة وتارة وهم تحت حكم اليونان الذين ملكوا بعد الإسكندر، ثم غلب الروم فكان اليهود تحت أيديهم، وكانوا يقومون ويقعدون تارة وتارة إلى أن كثرت فيهم الأحداث، وعظمت المصائب والفتن، وعم الفساد،