وكثرت فيهم الخوارج، واتصل القتل والغدر والنهب والغارات، وقتلوا زكريا ويحيى وابنه عليهما السلام، وأطبقوا على إرادة قتل المسيح ابن مريم عليهما السلام، فرفعه الله تعالى إليه ثم سلط عليهم طيطوس قيصر فأهلكهم وأخرب البيت الخراب الثاني - كما سيأتي ثم لم يقم لليهود أمر إلى الآن.
فلما ثبت بكون ما توعد به سبحانه في أوقاته كما أخبر به بطشه وحلمه، فثبتت قدرته وعلمه، أشار إلى أن من سبب إذلاله لمن يريد به الخير المعصية، وسبب إعزازه الطاعة، فقال تعالى: ﴿إن أحسنتم﴾ أي بفعل الطاعة على حسب الأمر في الكتاب الداعي إلى العدل والإحسان ﴿أحسنتم لأنفسكم﴾ فإن ذلك يوجب كوني معكم فأكسبكم عزاً في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ﴿وإن أسأتم﴾ أي بارتكاب المحرمات والإفساد ﴿فلها﴾ الإساءة، وذكرها باللام تنبيها على أنها أهل لزيادة النفرة لأن كل أحد يتطير من نسبتها إليه عبارة كانت، فإذا تطير مع العبارة المحبوبة فكيف يكون حاله مع غيرها.