دخول المدينة، فلما أصبحوا إذا سور جديد بإزاء الهدم قد بناه اليهود تلك الليلة وهم قيام عليه، فاستعظم الروم ذلك وأيسوا من الفتح، فقال طيطوس: هذا رطب لم يستحكم، وإذا ضربه الكبش أسرع الانهدام، فطلع الروم على السور الذي هدموه، ووقف اليهود على الجديد واشتد القتال، فهزمهم اليهود بعد أن قتلوا كثيراً منهم فضجر الروم وعزموا على الرحيل، فجمع طيطوس أصحابه وقال: اعلموا أن كل من يعمل عملاً فإنما قصده إلى الغاية: ولذلك يصبر على التعب ليبلغ ما أراد، وربما كان آخر العمل أشق من أوله، فإن تركه ذهب تعبه ضائعاً وبقي عمله ناقصاً لا ينتفع به.
وضرب لهم أمثالاً في ذلك ثم قال: وأنتم قد صبرتم على محاربة هؤلاء القوم واستظهرتم عليهم إلى هذه الغاية حتى هلك رؤساؤهم وجبابرتهم، وخربت حصونهم ونفوا بالجوع والسيف، ولم يبق منهم غير شرذمة يسيرة كالموتى، فأن انصرفتم كنتم قد ضيعتم تعبكم وأنتم على أنفسكم وأهنتموها


الصفحة التالية
Icon