﴿خذها ولا تخف﴾ مشيراً إلى أنه خاف منها على عادة الطبع البشريّ؛ ثم علل له النهي عن الخوف بقوله ﴿سنعيدها﴾ أي بعظمتنا عند أخذك لها بوعد لا خلف فيه ﴿سيرتها﴾ أي طريقتها ﴿الأولى*﴾ من كونها عصا، فهذه آية بينة على أن الذي يخاطبك هو ربك الذي له الأسماء الحسنى، فنزلت عليه السكينة، وبلغ من طمأنينته أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحيتها، فإذا هي عصاه، ويده بين شعبتيها.
ولما أراه آية في بعض الآفاق، أراد أن يريه آية في نفسه فقال: ﴿واضمم يدك﴾ من جيبك الذي يخرج منه عنقك ﴿إلى جناحك﴾ أي جنبك تحت العضد تنضم على ما هي عليه من لونها وما بها من الحريق، وأخرجها ﴿تخرج﴾ فالآية من باب الاحتباك، والجناح: اليد، والعضد، والأبط، والجانب - قاله في القاموس، فلا يعارض هذا ما في القصص لأنه أطلق الجناح هناك على اليد وهي أحق به، وهنا على الجنب الذي هو موضعها تسمية للمحل باسم الحال ﴿بيضاء﴾ بياضاً كالشمس تتعجب منه.
ولما كان البرص أبغض شيء إلى العرب، نافياً له ولغيره، ولم يسمه باسمه لأن أسماعهم له مجاجة، ولأن نفي الأعم من الشيء