وتنبيهاً لمضمونه لأنه خارج عن العوائد، وأثبت النون الثالثة على وزان تأكيدهما: ﴿إنني معكما﴾ لا أغيب كما تغيب الملوك إذا أرسلوا رسلهم ﴿أسمع وأرى*﴾ أي لي هاتان الصفتان، لا يخفى عليَّ شيء من حال رسولي ولا حال عدوه، وأنتما تعلمان من قدرتي ما لا يعلمه غيركما.
ولما تمهد ذلك، تسبب عنه تعليمهما ما يقولان، فقال مؤكداً للذهاب أيضاً لما مضى: ﴿فأتياه فقولا﴾ أي له؛ ولما كان فرعون ينكر ما تضمنه قولهما، أكد سبحانه فقال: ﴿إنا﴾ ولما كان التنبيه على معنى المؤازرة هنا - كما تقدم مطلوباً، ثنى فقال: ﴿رسولا ربك﴾ الذي رباك فأحسن تربيتك بعد أن أوجدك من العدم، إشارة إلى تحقيره بأنه من جملة عبيد مرسلهما تكذيباً له في ادعائه الربوبية، ثم سبب عن إرسالكما إليه قولكما: ﴿فأرسل معنا﴾ عبيده ﴿بني إسرائيل﴾ ليعبدوه، فإنه لا يستحق العبادة غيره ﴿ولا تعذبهم﴾ بما تعذبهم به من الاستخدام والتذبيح؛ ثم علل دعوى الرسالة بما يثبتها، فقال مفتتحاً بالحرف التوقع لأن حال السامع لادعاء الرسالة أن يتوقع دلالة على الإرسال: ﴿قد جئناك بآية﴾ أي علامة عظيمة وحجة وبرهان


الصفحة التالية
Icon