أي ولا يحيط علمهم به - قال أبو حيان. والأقرب عندي كونه منقولاً عن المفعول الذي تعدى إليه الفعل بحرف الجر، أي ولا يحيطون بعلمه، فيكون ذلك أقرب إلى ما في آية الكرسي. ولما ذكر خشوع الأصوات، أتبعه خضوع دونها فقال: ﴿وعنت الوجوه﴾ أي ذلت وخضعت واستسلمت وجوه الخلائق كلهم، وخصها لشرفها ولأنها أول ما يظهر فيه الذل ﴿للحي﴾ الذي هو مطلع على الدقائق والجلائل، وكل ما سواه جماد حيث ما نسبت حياته إلى حياته ﴿القيوم﴾ الذي لا يغفل عن التدبير ومجازاة كل نفس بما كسبت ﴿وقد خاب﴾ أي خسر خسارة ظاهرة ﴿من حمل﴾ منهم أو من غيرهم ﴿ظلماً*﴾.
ولما ذكر الظالم، أتبعه الحكيم فقال: ﴿ومن يعمل﴾ ولما كان الإنسان محل العجز وإن اجتهد، قال ﴿من الصالحات﴾ أي التي أمره الله بها بحسب استطاعته، لأنه «لن يقدر الله أحد حق قدره» «ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» ﴿وهو مؤمن﴾ ليكون بناؤها على الأساس، وعبر بالفاء إشارة إلى قبول الأعمال وجعلها سبباً لذلك الحال فقال: ﴿فلا يخاف ظلماً﴾ بأن ينسب إليه سوء لم يقترفه


الصفحة التالية
Icon