ولما ذكر حاله في الدنيا، أتبعه قوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى*﴾ وكان ذلك في بعض أوقات ذلك اليوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا خرج من القبر خرج بصيراً، فإذا سيق إلى المحشر عمي، أو يكون ذلك - وهو أقرب مفهوم العبارة - في بعض أهل الضلال ليجتمع مع قوله ﴿أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا﴾ [مريم: ٣٨] وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح من هذا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الظلم ظلمات يوم القيامة» ثم استأنف قوله: ﴿قال﴾ مذكراً بالنعمة السابقة استعطافاً لأن من شأن مسلف نعمة أن يربيها وإن قصر المنعم عليه، وغاية ذلك إنما يكون مهما بقي للصلح موضع: ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إليّ المسبغ نعمه عليّ ﴿لم حشرتني﴾ في هذا اليوم ﴿أعمى وقد كنت﴾ أي في الدنيا، أو في أول هذا اليوم ﴿بصيراً*﴾ فكأنه قيل: بم أجيب؟ فقيل: ﴿قال﴾ له ربه: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الفعل الشنيع فعلت في الدنيا، والمعنى: مثل ما قلت كان؛ ثم فسر على الأول، وعلل على الثاني، فقال: ﴿أتتك آياتنا﴾ على عظمتها التي هي من عظمتنا ﴿فنسيتها﴾ أي فعاملتها بإعراضك عنها معامله المنسي الذي لا يبصره صاحبه، فقد جعلت نفسك أعمى البصر


الصفحة التالية
Icon