والبصيرة عنها، كما قال تعالى: ﴿الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري﴾ [الكهف: ١٠١] ﴿وكذلك﴾ أي ومثل ذلك النسيان الفظيع، وقدم الظرف ليسد سوقه للمظروف ويعظم اختباره لفهمه فقال: ﴿اليوم تنسى*﴾ أي تترك على ما أنت عليه بالعمى والشقاء بالنار، فتكون كالشيء الذي لا يبصره أحد ولا يلتفت إليه ﴿وكذلك﴾ أي ومثل ذلك الجزاء الشديد ﴿نجزي من أسرف﴾ في متابعة هواه فتكبر عن متابعة أوامرنا ﴿ولم يؤمن بآيات ربه﴾ فكفر إحسانه إما بالتكذيب وإما بفعله فعل المكذب.
ولما ذكر أن هذا الضال كان في الدنيا معذباً بالضنك، وذكر بعض ما له في الآخرة، قال مقسماً لما له من التكذيب: ﴿ولعذاب الآخرة﴾ بأيّ نوع كان ﴿أشد﴾ من عذاب الدنيا ﴿وأبقى*﴾ منه، فإن الدنيا دار زوال، وموضع قلعة وارتحال.
ولما كان ما مضى من هذه السورة وما قبلها من ذكر مصارع الأقدمين، وأحاديث المكذبين، بسبب العصيان على الرسل، سبباً عظيماً للاستبصار والبيان، كانوا أهلاً لأن ينكر عليهم لزومهم لعماهم فقال تعالى: ﴿أفلم يهد﴾ أي يبين ﴿لهم كم أهلكنا قبلهم﴾ اي كثرة إهلاكنا


الصفحة التالية
Icon