ولما كان التقدير: فإن عدلتم بقبوله شرفناكم، وإن ظلمتم برده عناداً أهلكناكم كما أهلكنا من كان قبلكم، عطف عليه قوله: ﴿وكم قصمنا﴾ أي بعظمتنا ﴿من قرية﴾ جعلناها كالشيء اليابس الذي كسر فتباينت أجزاؤه، والإناء الذي فت فانكب ماؤه؛ وأشار بالقصم الذي هو أفظع الكسر إلى أنها كانت باجتماع الكلمة وشدة الشكيمة كالحجر الرخام في الصلابة والقوة، و «كم» في هذا السياق يقتضي الكثرة، ثم علل إهلاكها وانتقالها بقوله: ﴿كانت ظالمة﴾ ثم بين الغنى عنها بقوله: ﴿وأنشأنا﴾ أي بعظمتنا.
ولما كان الدهر لم يخل قط بعد آدم من إنشاء وإفناء، فكان المراد أن الإنشاء بعد الإهلاك يستغرق الزمان على التعاقب، بياناً لأن المهلكين ضروا أنفسهم من غير افتقار إليهم، اسقط الجار فقال: ﴿بعدها قوماً﴾ أي أقوياء، وحقق أنهم لا قرابة قريبة بينهم بقوله: ﴿ءاخرين*﴾ ثم بين حالها عند إحلال البأس بها فقال: ﴿فلما أحسوا *﴾ أي أدرك أهلها بحواسهم ﴿بأسنا﴾ أي بما فيه من العظمة ﴿إذا هم﴾


الصفحة التالية
Icon