على أن الرسل في ذلك شرع واحد، تسلية له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتأسية، فقال عاطفاً على ﴿وإذا رءاك﴾ :﴿ولقد﴾ مؤكداً له لمزيد التسلية بمساواة إخوانه من الرسل وبتعذيب أعدائه. ولما كان المخوف نفس الاستهزاء لا كونه من معين، بني للمفعول قوله: ﴿استهزئ برسل﴾ أي كثيرين.
ولما كان معنى التنكير عدم الاستغراق، أكده بالخافض فقال: ﴿من قبلك فحاق﴾ أي فأحاط ﴿بالذين سخروا منهم﴾ لكفرهم ﴿ما كانوا﴾ بما هو لهم كالجبلة ﴿به يستهزءون*﴾ من الوعود الصادقة كبعض من سألوه الإتيان بمثل آياتهم كقوم نوح ومن بعدهم.
ولما هددهم بما مضى مما قام الدليل على قدرته عليه، وختمه - لوقوفهم مع المحسوسات - بما وقع لمن قبلهم، وكان الأمان عن مثل ذلك لا يكون إلا بشيء يوثق به، أمره أن يسألهم عن ذلك بقوله: ﴿قل من يكلؤكم﴾ أي يحفظكم ويؤخركم ويكثر رزقكم، وهو استفهام توبيخ.
ولما استوى بالنسبة إلى قدرته حذرهم وغفلتهم، قال: ﴿بالّيل﴾


الصفحة التالية
Icon