إلا إذا كان قوياً على دفعه. بيّن أنهم على غير ذلك فقال: ﴿ولئن﴾ أي لا يسمعون والحال أنه لا قوة بهم، بل إن ﴿مستهم﴾ أي لاقتهم أدنى ملاقاة ﴿نفحة﴾ أي رائحة يسيرة مرة من المرات ﴿من عذاب ربك﴾ المحسن إليك بنصرك عليهم ﴿ليقولن﴾ وقد أذهلهم أمرها عن نخوتهم. وشغلهم قدرها عن كبرهم وحميتهم: ﴿يا ويلنا﴾ الذي لا نرى الآن بحضرتنا غيره ﴿إنا كنا﴾ أي بما لنا مما هو في ثباته كالجبلات ﴿ظالمين*﴾ أي عريقين في الظلم في إعراضنا وتصامّنا ترفقاً وتذللاً لعله يكف عنهم.
ولما بيّن ما افتتحت السورة من اقتراب الساعة بالقدرة عليه واقتضاء الحكمة له، وأن كل أحد ميت لا يستطيع شيئاً من الدفع عن نفسه فضلاً عن غيره، وختمت الآيات بإقرار الظالم بظلمه، وكانت عادة كثير من الناس الجور عند القدرة، بين أنه سبحانه بخلاف ذلك فذكر بعض ما يفعل في حساب الساعة من العدل فقال عاطفاً على قوله ﴿بل تأتيهم بغتة﴾ :﴿ونضع﴾ فأبرزه في مظهر العظمة إشارة إلى هوانه عنده وإن كان لكثرة الخلائق وأعمال كل منهم متعذراً عندنا ﴿الموازين﴾ المتعددة لتعدد الموزونات أو أنواعها. ولما كانت الموازين آلة العدل، وصفها به مبالغة فقال ﴿القسط﴾ أي العدل المميز للأقسام على السوية.


الصفحة التالية
Icon