﴿وذا الكفل﴾ الذي قدرناه على النوم الذي هو الموت الأصغر، فكان يغلبه فلا ينام أو إلا قليلاً، يقوم الليل ولا يفتر، ويصوم النهار ولا يفطر، ويقضي بين الناس ولا يغضب.
فقدره الله على الحياة الكاملة في الدنيا التي هي سبب الحياة الكاملة في الأخرى وهو خليفة اليسع عليه السلام تخلفه على أن يتكفل له بصيام النهار وقيام الليل وأن لا يغضب، قيل: إنه ليس بنبي وعن الحسن أنه نبي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إلياس، وقيل: هو يوشع بن نون، وقيل: زكريا - عليهم السلام.
ولما قرن بينهم لهذه المناسبة، استأنف مدحهم فقال: ﴿كل﴾ أي كل واحد منهم ﴿من الصابرين*﴾ على ما ابتليناه به، فآتيناهم ثواب الصابرين ﴿وأدخلناهم﴾ ودل على عظمة ما لهم عنده سبحانه بقوله: ﴿في رحمتنا﴾ ففعلنا بهم من الإحسان ما يفعله الراحم بمن يرحمه على وجه عمهم من جميع جهاتهم، فكان ظرفاً لهم؛ ثم علل بقوله: ﴿إنهم من الصالحين﴾ لكل ما يرضاه الحكيم منهم، بمعنى أنهم جبلوا جبلة خير فعملوا على مقتضى ذلك، ثم أتبعهم من هو أغرب حالاً منهم


الصفحة التالية
Icon