أي فتسبب عن دعائه أنا أوحينا ﴿إليه أن اصنع الفلك﴾ أي السفينة.
ولما كان يخاف من أذاهم له في عمله بالإفساد وغيره قال: ﴿بأعيننا﴾ أي إنه لا يغيب عنا شيء من أمرك ولا من أمرهم وأنت تعرف قدرتنا عليهم فثق بحفظنا ولا تخف شيئاً من أمرهم. ولما كان لا يعلم تلك الصنعة، قال: ﴿ووحينا﴾ ثم حقق له هلاكهم وقربه بقوله: ﴿فإذا جاء أمرنا﴾ أي بالهلاك عقب فراغك منه ﴿وفار التنور﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: وجه الأرض. وفي القاموس: التنور: الكانون يخبز فيه، ووجه الأرض، وكل مفجر ماء، وجبل قرب المصيصة - انتهى. والأليق بهذا الأمر صرفه إلى ما يخبز فيه ليكون آية في آية ﴿فاسلك﴾ أي فادخل ﴿فيها﴾ أي السفينة ﴿من كل زوجين﴾ من الحيوان ﴿اثنين﴾ ذكراً وأنثى ﴿وأهلك﴾ من أولادك وغيرهم ﴿إلا من سبق عليه﴾ لا له ﴿القول منهم﴾ بالهلاك لقطع ما بينك وبينه من الوصلة بالكفر.
ولما كان التقدير: فلا تحمله معك ولا تعطف عليه لظلمه، عطف عليه قوله: ﴿ولا تخاطبني﴾ أي بالسؤال في النجاة ﴿في الذين ظلموا﴾ عامة؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿إنهم مغرقون*﴾ أي قد ختم القضاء عليهم، ونحن نكرمك عن سؤال لا يقبل.


الصفحة التالية
Icon