ويمكن أن تكون على بابها فتكون صيحة جبرئيل عليه الصلاة والسلام ويكون القوم ثمود، ويمكن أنت تكون مجازاً عن العذاب الهائل ﴿بالحق﴾ أي بالأمر الثابت من العذاب الذي أوجب لهم الذي لا تمكن مدافعته لهم ولا لأحد غير الله، ولا يكون كذلك إلا وهو عدل ﴿فجعلناهم﴾ بعظمتنا التي لا تدانيها عظمة، بسبب الصيحة ﴿غثاء﴾ كأنهم أعجاز نخل خاوية، جاثمين أمواتاً يطرحون كما يطرح الغثاء، وهو ما يحمله السيل من نبات ونحوه فيسود ويبلى فيصير بحيث لا ينتفع به، ونجينا رسولهم ومن معه من المؤمنين، فخاب الكافرون، وأفلح المؤمنون، وكانوا هم الوارثين للأرض من بعدهم.
ولما كان هلاكهم على هذا الوجه سبباً لهوانهم، عبر عنه بقوله: ﴿فبعداً﴾ أي هلاكاً وطرداً. ولما كان كأنه قيل: لمن؟ قيل: لهم! ولكنه أظهر الضمير تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف تحذيراً لكل من تلبس به فقال: ﴿للقوم﴾ أي الأقوياء الذي لا عذر لهم في التخلف عن اتباع الرسل والمدافعة عنهم ﴿الظالمين*﴾ الذين وضعوا قوتهم التي كان يجب عليهم بذلها في نصر الرسل في خذلانهم.
ولما كانت عادة المكذبين أن يقولوا تكذيباً: هذا تعريض لنا بالهلاك، فصرِّح ولا تدع جهداً في إحلاله بنا والتعجيل به


الصفحة التالية
Icon