ولما تسبب عن استكبارهم وعلوهم إنكارهم للاتباع قال: ﴿فقالوا أنؤمن﴾ أي بالله مصدقين ﴿لبشرين﴾ ولما كان «مثل» و «غير» قد يوصف بهما المذكر والمؤنث والمثنى والجمع دون تغيير، ولم تدع حاجة إلى التثنية قال: ﴿مثلنا﴾ أي في البشرية والمأكل والمشرب وغيرهما مما يعتري البشر كما قال من تقدمهم ﴿وقومهما﴾ أي والحال أن قومهما ﴿لنا عابدون*﴾ أي في غاية الذل والانقياد كالعبيد فنحن أعلى منهما بهذا، ويا ليت شعري ما لهم لما جعلوا هذا شبهة لم يجعلوا عجزهم عن إهلاك الرسل وعما يأتون به من المعجزات فرقاناً وما جوابهم عن أن من الناس الجاهل الذي لا يهتدي لشيء والعالم الذي يفوق الوصف من فاوت بينهما؟ وإذا جاز التفاوت بينهما في ذلك فلم لا يجوز في غيره؟. ولما تسبب عن هذا الإنكار التكذيب، فتسبب عنه الهلاك، قال: ﴿فكذبوهما﴾ أي فرعون وملؤه موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ﴿فكانوا﴾ أي فرعون وآله، ونبه بصيغة المفعول على عظيم القدرة فقال: ﴿من المهلكين*﴾ بإغراقنا لهم على تكذيبهم إشارة إلى أنهم لم يهلكوا بأنفسهم من غير مهلك مختار بدليل إغراقهم كلهم بما كان سبب إنجاء بني إسرائيل كلهم ولم تغن عنهم قوتهم في أنفسهم ثم قوتهم على خصوص بني إسرائيل


الصفحة التالية
Icon