باستعبادهم إياهم، ولا ضر بني إسرائيل ضعفهم عن دفاعهم، ولا ذلهم لهم وصغارهم في أيديهم.
ولما كان ضلال قومهما الذين استنقذناهم من عبودية فرعون وقومه أعجب، وكان السامع متشوفاً إلى ما كان من أمرهم بعد نصرهم، ذكر ذلك مبتدئاً له بحرف التوقع مشيراً إلى حالهم في ضلالهم تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ﴿ولقد آتينا﴾ أي بعظمتنا ﴿موسى الكتاب﴾ أي الناظم لمصالح البقاء الأول بل والثاني.
ولما كان كتابهم لم ينزل إلا بعد هلاك فرعون كما هو واضح لمن تأمل أشتات قصتهم في القرآن، وكان حال هلاك القبط معرفاً أن الكتاب لبني إسرائيل، اكتفى بضميرهم فقال: ﴿لعلهم﴾ اي قوم موسى وهارون عليهما السلام ﴿يهتدون*﴾ أي ليكون حالهم عند من لا يعلم العواقب حال من ترجى هدايته، فأفهم جعلهم في ذلك في مقام الترجي أن فيهم من لم يهتد؛ قال ابن كثير: وبعد أن أنزل التوراة لم تهلك أمة بعامة بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين - انتهى. ولا يبعد على هذا أن يكون الضمير في ﴿لعلهم﴾ للقرون الحادثة المدلول عليها بقوله ﴿قروناً﴾ وربما أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد


الصفحة التالية
Icon