للبدن، منعشة للروح، وذلك ما كان حلاًّ غير مستقذر لقوله تعالى ﴿يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث﴾ [الأعراف: ١٥٧]. ودل سبحانه على أن الحلال عون على الطاعة بقوله: ﴿واعملوا صالحاً﴾ أي سراً وجهراً غير خائفين من أحد، فقد أهلكت عدوكم وأورثتكم أرضكم، ولم يقيد عملكم بشكر ولا غيره، إشارة إلى أنه لوجهه ليس غير، فإنهم دائماً في مقام الشهود، في حضرة المعبود، والغنى عن كل سوى حتى عن الغنى، ثم حثهم على دوام المراقبة بقوله: ﴿إني بما﴾ أي بكل شيء ﴿تعملون عليم*﴾ أي بالغ العلم.
ولما كان هذا تعليلاً لما سبقه من الأمر، عطف على لفظه قوله: ﴿وإن﴾ بالكسر في قراءة الكوفيين، وعلى معناه لما كان يستحقه لو أبرزت لام العلة من الفتح في قراءة غيرهم ﴿هذه﴾ أي دعوتكم أيها الأنبياء المذكورين إجمالاً وتفصيلاً وملتكم المجتمعة على التوحيد أو الجماعة التي أنجيتها معكم من المؤمنين ﴿أمتكم﴾ أي مقصدكم الذي ينبغي أن لا توجهوا هممكم إلى غيره أو جماعة أتباعكم حال كونها ﴿أمة واحدة﴾ لا شتات فيها أصلاً، فما دامت متوحدة فهي مرضية ﴿وأنا ربكم﴾ أي المحسن إليكم بالخلق والرزق وحدي، فمن وحدني نجا، ومن كثر الأرباب هلك.