سبب عنه سبحانه قوله تسلية لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿فذرهم﴾ أي اتركهم على شر حالاتهم ﴿في غمرتهم﴾ أي الضلاله التي غرقوا فيها ﴿حتى حين*﴾ أي إلى وقت ضربناه لهم من قبل أن نخلقهم ونحن عالمون بكل ما يصدر منهم على أنه وقت يسير.
ولما كان الموجب لغرورهم ظنهم أن حالهم - في بسط الأرزاق من الأموال والأولاد - حال الموعود لا المتوعد، أنكر ذلك عليهم تنبيهاً لمن سبقت له السعادة، وكتبت له الحسنى وزيادة، فقال: ﴿أيحسبون﴾ أي لضعف عقولهم ﴿أنما﴾ أي الذين ﴿نمدهم﴾ على عظمتنا ﴿به﴾ أي نجعله مدداً لهم ﴿من مال﴾ نيسره لهم ﴿وبنين*﴾ نمتعهم بهم، ثم أخبر عن «أن» بدليل قراءة السلمي بالياء التحتية فقال: ﴿نسارع لهم﴾ أي به بإدرارنا له عليهم في سرعة من يباري آخر ﴿في الخيرات﴾ التي لا خيرات إلا هي لأنها محمودة العاقبة، ليس كذلك بل هو وبال عليهم لأنه استدراج إلى الهلاك لأنهم غير عاملين بما يرضي الرحمن ﴿بل﴾ هم يسارعون في أسباب الشرور، ولا يكون عن السبب إلا مسببه، ولكنهم كالبهائم ﴿لا يشعرون*﴾ أنهم في غاية البعد عن الخيرات
{سنستدرجهم من


الصفحة التالية
Icon