﴿فلا أنساب بينهم يومئذ﴾ [المؤمنون: ١٠١] وكان قد حث في آخر تلك على الستر والرحمة، حذر رحمة منه في أول هذه من لبس الأنساب، وكسب الأعراض وقطع الأسباب، معلماً أن الستر والرقة ليسا على عمومهما، بل على ما يحده سبحانه، فقال مخاطباً للأئمة ومن يقيمونه: ﴿الزانية﴾ وهي من فعلت الزنى، وهو إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم شرعاً، وقدمها لأن أثر الزنى يبدو عليها من الحبل وزوال البكارة، ولأنها أصل الفتنة بهتك ما أمرت به من حجاب التستر والتصون والتحذر ﴿والزاني﴾.
ولما كان «ال» بمعنى الاسم الموصول، أدخل الفاء في الخبر فقال: ﴿فاجلدوا﴾ أي فاضربوا وإن كان أصله ضرب الجلد بالسوط الذي هو جلد ﴿كل واحد منهما﴾ إذا لم يكن محصناً، بل كان مكلفاً بكراً - بما بينته السنة الشريفة ﴿مائة جلدة﴾ فبدأ بحد الزنى المشار إليه أول تلك بقوله تعالى ﴿فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾ [المؤمنون: ٧] وفي التعبير بلفظ الجلد الذي هو ضرب الجلد إشارة إلى أنه يكون مبرحاً بحيث يتجاوز الألم إلى اللحم.
ولما كان هذا ظاهراً في ترك الشفقة عليهما، صرح به