بيان كذب الآفكين بأن قال موبخاً لمن اختلقه وأذاعه ملقناً لمن ندبه إلى ظن الخير: ﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا ﴿جاءو﴾ أي المفترون له أولاً ﴿عليه﴾ إن كانوا صادقين ﴿بأربعة شهداء﴾ كما تقدم أن القذف لا يباح إلا بها.
ولما تسبب عن كونهم لم يأتوا بالشهداء كذبهم قال: ﴿فإذ﴾ أي فحين ﴿لم يأتوا بالشهداء﴾ أي الموصوفين ﴿فأولئك﴾ أي البعداء من الصواب ﴿عند الله﴾ أي في حكم الملك الأعلى، بل وفي هذه الواقعة بخصوصها في علمه ﴿هم الكاذبون*﴾ أي الكذب العظيم ظاهراً وباطناً.
ولما بين لهم بإقامة الدليل على كذب الخائضين في هذا الكلام أنهم استحقوا الملام، وكان ذلك مرغباً لأهل التقوى، بين أنهم استحقوا بالتقصير في الإنكار عموم الانتقام في سياق مبشر بالعفو، فقال عاطفاً على ﴿ولولا﴾ الماضية: ﴿ولولا فضل الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال ﴿عليكم ورحمته﴾ أي معاملته لكم بمزيد الإنعام، الناظر إلى الفضل والإكرام، اللازم للرحمة ﴿في الدنيا﴾ بقبول التوبة والمعاملة بالحلم ﴿والآخرة﴾ بالعفو عمن يريد أن يعفو عنه منكم ﴿لمسكم﴾ أي عاجلاً عموماً ﴿في ما أفضتم﴾ أي اندفعتم على أي وجه كان ﴿فيه﴾ بعضكم حقيقة، وبعضكم مجازاً بعدم الإنكار ﴿عذاب عظيم*﴾ أي