﴿تعودوا لمثله أبداً﴾ أي ما دمتم أهلاً لسماع هذا القول؛ ثم عظم هذا الوعظ، وألهب سامعه بقوله: ﴿إن كنتم مؤمنين*﴾ أي متصفين بالإيمان راسخين فيه فإنكم لا تعودون، فإن عدتم فأنتم غير صادقين في دعواكم الاتصاف به ﴿ويبين الله﴾ أي بما له من الاتصاف بصفات الجلال والإكرام ﴿لكم الآيات﴾ أي العلامات الموضحة للحق والباطل، من كل أمر ديني أو دنيوي ﴿والله﴾ أي المحيط بجميع الكمال ﴿عليم﴾ فثقوا ببيانه ﴿حكيم*﴾ لا يضع شيئاً إلا في أحكم مواضعه وإن دق عليكم فهم ذلك، فلا تتوقفوا في أمر من أوامره، واعلموا أنه لم يختر لنبيه عليه الصلاة والسلام إلا الخلص من عباده، على حسب منازلهم عنده، وقربهم من قلبه.
ولما كان من أعظم الوعظ بيان ما يستحق على الذنب من العقاب، أدبهم تأديباً ثالثاً أشد من الأولين، فقال واعظاً ومقبحاً لحال الخائضين في الإفك ومحذراً ومهدداً: ﴿إن الذين يحبون﴾ عبر بالحب إشارة إلى أنه لا يرتكب هذا مع شناعته إلا محب له، ولا يحبه إلا بعيد عن الاستقامة ﴿أن تشيع﴾ أي تنتشر بالقول أو بالفعل ﴿الفاحشة﴾ أي الفعلة الكبيرة القبح، ويصير لها شيعة يحامون عليها