أتبعه عموم الطاعة فقال: ﴿ومن يطع الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿ورسوله﴾ أي في الإذعان للقضاء وغيره فيما ساءه وسره من جميع الأعمال الظاهرة ﴿ويخش الله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام، بقلبه لما مضى من ذنوبه ليحمله ذلك على كل خير، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا وقع أحد منهم في تقصير يأتي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: طهرني، ويلقن أحدهم الرجوع فلا يرجع، وفي تطهيره الإتيان على نفسه، وقع ذلك لرجالهم ونسائهم - رضي الله عنهم أجمعين وأحياناً على منهاجهم وحشرنا في زمرتهم ﴿ويتقه﴾ أي الله فيما يستقبل بأن يجعل بينه وبين ما يسخطه وقاية من المباحات فيتركها ورعاً.
ولما أفرد الضمائر إشارة إلى قلة المطيع، جمع لئلا يظن أنه واحد فقال: ﴿فأولئك﴾ العالو الرتبة ﴿هم الفائزون*﴾ بالملك الأبدي ولا فوز لغيرهم.
ولما ذكر سبحانه ما رتب على الطاعة الظاهرة التي هي دليل الانقياد الباطن، ذكر حال المنافقين فيه، فقال عاطفاً على ﴿ويقولون﴾ لأنه ليس المراد منه إلا مجرد القول من غير إرادة تقييد بزمان معين: ﴿وأقسموا﴾ وكأنه عبر بالماضي إشارة إلى أنهم لم يسمحوا به أكثر من مرة، لما يدل عليه من زيادة الخضوع والذل ﴿بالله﴾ أي الملك الذي له الكمال المطلق؛ واستعار من جهد النفس قوله في موضع الحال:


الصفحة التالية
Icon