أيضاً في قولهم: ﴿أو تكون له﴾ أي إن لم تكن له شيء مما مضى ﴿جنة﴾ أي بستان أو حديقة كما لبعض أكابرنا ﴿يأكل منها﴾ فتفرغه عما يتعاطاه في بعض الأحايين من طلب المعاش، ويكون غناه أعز له وأجلب للخواطر إليه، وأحث لعكوف الأتباع عليه، وأنجع فيما يريده - هذا على قراءة الجماعة بالياء التحتية، وعلى قراءة حمزة والكسائي بالنون يكون المعنى: أنا إذا أمكنا منها، كان ذلك أجلب لنا إلى اتباعه، وما قالوه كله فاسد إذ لم يدّع هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من أتباعه أنه هو ولا أحد من الأنبياء قبله يباين البشر، ولا أن وصفاً من أوصاف البشر الذاتية ينافي النبوة والرساله، وأما الاستكثار من الدنيا فهو عائق في الأغلب عن السفر إلى دار الكرامة، وموطن السلامة، وحامل على التجبر، ولا يفرح به إلا أدنياء الهمم، وخفة ذات اليد لا تقدح إلا في ناقص يسأل الناس تصريحاً أو تلويحاً إرادة لتكميل نقصه بالحطام الفاني، وقد شرف الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ