فإن كانت من الصالحين فمعناها: ما كان ينبغي لنا ذلك فلم نفعله وأنت أعلم، كما قال تعالى
﴿ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس﴾ [آل عمران: ٧٩] الآية؛ وإن كانت من الجمادات فالمعنى: ما كنا في حيز من يقدر على شيء من ذلك، ولكن فعلوه بطراً؛ وإن كانت من مثل فرعون فالمعنى: ما كان لنا هذا، ولكن هم أنزلونا هذه المنزلة بمجرد دعائنا لهم كما يقول إبليس - فما كان لنا عليهم من سلطان إلا أن دعوناهم فاستجابوا، وذلك لعدم نظرهم في حقائق الأمور، فألقى الكل إلى الله يومئذ السلم، فثبت أنهم ليسوا في تلك الرتبة التي أنزلوهم إياها، وفائدة السؤال مع شمول علمه تعالى تبكيت المعاندين وزيادة حسراتهم وأسفهم، وتغبيط المؤمنين إذا سمعوا هذا الجواب، هذا مع ما في حكايته لنا من الموعظة البالغة، وقراءة ابي جعفر بالبناء للمفعول بضم النون وفتح الخاء واضحة المعنى، أي يتخذنا أحد آلهة نتولى أموره.
ولما كان المعنى: إنا ما أضللناهم، أما إذا قدر من الملائكة ونحوهم فواضح، وأما من غيرهم فإن المضل في الحقيقة هو الله، وفي الظاهر بطرهم النعمة، واتباعهم الشهوات التي قصرت بهم عن إمعان النظر، وأوقفتهم مع الظواهر، حسن الاستدراك بقوله: ﴿ولكن﴾ أي


الصفحة التالية
Icon