إلى الغاية، لتعرف بها قدرته، وتشكر نعمته.
ولما ذكر تعالى قدرته في منع الماء من الاختلاط، أتبعه القدرة على خلطه، لئلا يظن أنه ممتنع، تقريراً للفعل بالاختيار، وإبطالاً للقول بالطبائع، فقال معبراً بالضمير كما تقدمه حثاً على استحضار الأفعال والصفات التي تقدمت، لتعرف الحيثية التي كرر الضمير لأجلها: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿الذي خلق من الماء﴾ بخلطه مع الطين ﴿بشراً﴾ كما تشاهدونه يخلق منه نباتاً وشجراً وورقاً وثمراً ﴿فجعله﴾ أي بعد ذلك بالتطوير في أطوار الخلقة، والتدوير في أدوار التربية ﴿نسباً﴾ أي ذكراً ينسب إليه ﴿وصهراً﴾ أي أنثى يصاهر - أي يخالط بها إلى الذكر، فقسم هذا الماء بعد التطوير إلى ذكر وأنثى كما جعل ذلك الماء قسمين: عذبا وملحاً، وخلط ماء الذكر بماء الأنثى متى أراد فصور منه آدمياً، ومنعه من ذلك إذا أراد، كما أنه ميز بين العذب والملح ويخلط بينهما إذا أراد بعلمه الشامل وقدرته التامة ﴿وكان ربك﴾ أي المحسن إليك بإرسالك وإنزال هذا الذكر إليك ﴿قديراً*﴾ على كل شيء قدرته على ما ذكر من إبداع هذه الأمور المتباعدة من مادة واحدة


الصفحة التالية
Icon