الذي اخترعه وأوجده، وهم وذنوبهم من جملته كما يفعل الملوك في ممالكهم، لا غفلة عنده عن شيء أصلاً، ولا تحدث فيه ذرة من ذات أو معنى إلا بخلق جديد منه سبحانه، رداً على من يقول من اليهود وغيرهم: إن ذلك إنما هو بما دبر في الأزل من الأسباب، وأنه الآن لا فعل له.
ولما كان المعصى إذا علم بعصيان من يعصيه وهو قادر عليه لم يمهله، أشار إلى أنه على غير ذلك، حاضاً على الرفق، بقوله: ﴿الرحمن﴾ أي الذي سبقت رحمته غضبه، وهو يحسن إلى من يكفره، فضلاً عن غيره، فأجدر عباده بالتخلق بهذا الخلق رسله، والحاصل أنه أبدع هذا الكون وأخذ في تدبيره بعموم الرحمة في إحسانه لمن يسمعه يسبّه بالنسبة له إلى الولد، ويكذبه في أنه يعيده كما بدأه، وهو سبحانه قادر على الانتقام منه بخلاف ملوك الدنيا فإنهم لا يرحمون من يعصيهم مع عجزهم.
ولما كان العلم لازماً للملك، سبب عن ذلك قوله على طريق التجريد: ﴿فاسأل به﴾ أي بسبب سؤالك إياه ﴿خبيراً﴾ عن


الصفحة التالية
Icon