ولا يقدر غيره أن ينقض شيئاً من فعله.
ولما كان التقدير: فافعل جميع ما آمرك به فإنه لا بد منه، ولا تخف من شيء فإنه لا يوصل إليك بسوء لأنه متقن بقانون الحكمة، محروس بسور العزة، دل عليه بالعطف في قوله: ﴿وألق عصاك﴾ أي لتعلم علماً شهودياً عزتي وحكمتي - أو هو معطوف على ﴿أن بورك﴾ - فألقاها كما أمر، فصارت في الحال - بما أذنت به الفاء - حية عظيمة جداً، هي - مع كونها في غاية العظم - في نهاية الخفة والسرعة في اصطرابها عند محاولتها ما يريد ﴿فلما رآها تهتز﴾ أي تضطرب في تحركها مع كونها في غاية الكبر ﴿كأنها جآن﴾ أي حية صغيرة في خفتها وسرعتها، ولا ينافي ذلك كبر جثتها ﴿ولى﴾ أي موسى عليه الصلاة والسلام.
ولما كانت عليه التولية مشتركة بين معان، بين المراد بقوله: ﴿مدبراً﴾ أي التفت هارباً منها مسرعاً جداً لقوله: ﴿ولم يعقب﴾ أي لم يرجع على عقبه، ولم يتردد في الجد في الهرب، ولم يلتفت إلى ما وراءه بعد توليته، يقال: عقب عليه تعقيباً، أي كر، وعقب في الأمر تعقيباً: تردد في طلبه مجداً - هذا في ترتيب المحكم. وفي القاموس: التعقيب: