﴿ولنخرجنهم منها﴾ أي من بلادهم ﴿أذلة﴾.
ولما كان الذل قد يكون لمجرد الانقياد، لا على سبيل الهوان، حقق المراد بقوله: ﴿وهم صاغرون*﴾ أي لا يملكون شيئاً من المنعة إن لم يقروا بالإسلام.
ولما ذهب الرسل، وعلم صلى الله عليه السلام مما رأى من تصاغرهم لما رأوا من هيبته وجلاله الذي حباه به ربه وعظمته أنهم يأتون بها مذعنة ﴿قال﴾ لجماعته تحقيقاً لقوله: ﴿وأوتينا من كل شيء﴾ لإعلامه بأنها استوثقت من عرشها: ﴿يا أيها الملأ﴾ أي الأشراف ﴿أيّكم يأتيني بعرشها﴾ لترى بعض ما آتاني الله من الخوارق، فيكون أعون على متابعتها في الدين، ولآخذه قبل أن يحرم أخذه بإسلامها، وأختبر به عقلها ﴿قبل أن يأتوني﴾ أي هي وجماعتها ﴿مسلمين*﴾ أي منقادين لسلطاني، تاركين لعز سلطانهم، منخلعين من عظيم شأنهم، ليكون ذلك أمكن في إقامة الحجة عليها في نبوتي وأعون على رسوخ الإيمان في قلبها وإخلاصها فيه ﴿قال عفريت﴾. ولما كان هذا اللفظ يطلق على الأسد، وعلى المارد القوي، وعلى الرجل النافذ في الأمر المبالغ فيه مع دهاء وقوة - وقال الرازي: