لذلك الأمر، وامتد عمرك إلى هذا الزمان حتى أخبرت بما كنت حاضره، استدرك ضد ذلك فقال: ﴿ولكنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿أنشأنا﴾ أي بعد ما أهلكنا أهل ذلك الزمان الذين علموا هذه الأمور بالمشاهدة والإخبار، كلهم ﴿قروناً﴾ أي ما أخرنا أحداً من أهل ذلك الزمان، ولكنا أهلكناهم وأنشأنا بعدهم أجيالاً كثيرة ﴿فتطاول﴾ بمروره وعلوه ﴿عليهم العمر﴾ جداً بتدريج من الزمان شيئاً فشيئاً فنسيت تلك الأخبار، وحرفت ما بقي منها الرهبان والأحبار، ولا سيما في زمان الفترة، فوجب في حكمتنا إرسالك فأرسلناك لتقوم المحجة، وتقوم بك الحجة، فعلم أن إخبارك بهذا والحال أنك لم تشاهده ولا تعلمته من مخلوق إنما هو عنا وبوحينا.
ولما نفى العلم بذلك بطريق الشهود، نفى سبب العلم بذلك فقال: ﴿وما كنت ثاوياً﴾ أي مقيماً إقامة طويلة مع الملازمة بمدين ﴿في أهل مدين﴾ أي قوم شعيب عليه السلام ﴿تتلوا﴾ أي تقرأ على سبيل القص للآثار والأخبار الحق ﴿عليهم آياتنا﴾ العظيمة، لتكون ممن يهتم بأمور الوحي وتتعرف دقيق أخباره، فيكون خبرهم وخبر موسى عليه الصلاة والسلام معهم وخبره بعد فراقه لهم


الصفحة التالية
Icon