فقال: ﴿أرءيتم﴾ أي أخبروني ﴿إن جعل الله﴾ أي الملك الأعلى نظراً إلى مقام العظمة والجلال ﴿عليكم الليل﴾ الذي به اعتدال حر النهار ﴿سرمداً﴾ أي دائماً، وقال: ﴿إلى يوم القيامة﴾ تنبيهاً على أنه مما لا يتوجه إليه إنكار ﴿من إله غير الله﴾ العظيم الشأن الذي لا كفوء له.
ولما كان النور نعمة في نفسه، ويعرف به خالقه، صرح به وطوى أثره فقال: ﴿يأتيكم بضياء﴾ أي يولد نهاراً تنتشرون فيه، ولقوة إعلامه بالقدرة وتعريفه بالله عبر بهذا دون يؤتيكم ضياء، ولما كان الليل محل السكون ومجمع الحواس، فهو أمكن للسمع وأنفذ للفكر، قال تعالى: ﴿أفلا تسمعون*﴾ أي ما يقال لكم إصغاء وتدبر، كما يكون لمن هو في الليل فينتفع بسمعه من أولي العقل ﴿قل أرءيتم إن جعل الله﴾ أي الذي له الأمر كله بجلاله وباهر كماله ﴿عليكم النهار﴾ الذي توازن حرارته رطوبة الليل فيتم بهما صلاح النبات، وغير ذلك من جميع المقدرات ﴿سرمداً﴾ أي دائماً، من السرد، وهو المتابعة بزيادة الميم مبالغة فيه ﴿إلى يوم القيامة﴾ أي الذي لا يسمع عاقلاً إنكاره ﴿من إله غير الله﴾ الجليل الذي ليس له مثيل، وهو على كل شيء وكيل.


الصفحة التالية
Icon